انطلاق أعمال قمة العشرين في أنطاليا.. وخطر التطرف ومصير سوريا على رأس أولوياتها

انطلاق أعمال قمة العشرين في أنطاليا.. وخطر التطرف ومصير سوريا على رأس أولوياتها
TT

انطلاق أعمال قمة العشرين في أنطاليا.. وخطر التطرف ومصير سوريا على رأس أولوياتها

انطلاق أعمال قمة العشرين في أنطاليا.. وخطر التطرف ومصير سوريا على رأس أولوياتها

يلتقي قادة دول مجموعة العشرين، اليوم (الاحد)، في تركيا لإبداء موقف موحد ضد خطر التطرف رغم انقسامهم حول الحلول في سوريا؛ وذلك بعد يومين على الاعتداءات الدموية التي شهدتها باريس.
وجدول أعمال هذه القمة السنوية مثقل أصلا بالنزاع في سوريا وأزمة اللاجئين والمناخ، وأضيفت اليه الاعتداءات التي تبناها تنظيم "داعش" واوقعت 129 قتيلا على الاقل في باريس مساء يوم الجمعة الماضي.
من جانبه، افاد مصدر فرنسي بأن المحادثات في تركيا "ستركز على الارهاب بشكل خاص"، كما ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ألغى مشاركته بعد الاعتداءات.
ووصل الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي ندد باعتداءات باريس ووصفها بانها "هجوم على الانسانية جمعاء" في وقت مبكر من صباح اليوم الى منتجع انطاليا على البحر المتوسط (جنوب)، حيث تقام القمة وسط حراسة مشددة من قبل 12 ألف شرطي.
واعلنت عدة مصادر أن قادة دول وحكومات مجموعة العشرين يعدون اليوم بيانا ردا على اعتداءات باريس، لكن لم تتضح بعد صيغته النهائية. وسيكون الرد على الاعتداءات على هيئة بيان مشترك خاص منفصل عن البيان الختامي المخصص عادة للقضايا الاقتصادية.
ونددت كل الدول الكبرى باعتداءات باريس، وشددت خلال اجتماع أمس (السبت) في فيينا لمحادثات حول سوريا على رغبتها في "تنسيق الحملة الدولية لمكافحة الارهاب"، بحسب تعبير وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. إلا ان هذه التصريحات لا تخفي فعلا الخلافات التي تحول دون توصل الدول الكبرى الى حل حول النزاع في سوريا، الذي أوقع 250 ألف قتيل منذ اربع سنوات ونصف السنة ويشكل نقطة انطلاق الحركات المتطرفة.
وتم في أعقاب اجتماع فيينا السبت تبني "جدول أعمال ملموس" ينص على تشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وتنظيم انتخابات بحلول 18 شهرا. إلا ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ذكر بأن "الخلافات" لا تزال كما هي حول مصير الرئيس السوري بشار الاسد.
على صعيد متصل، نقلت تقارير إخبارية اليوم عن مستشارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، القول إن قادة مجموعة العشرين (جي 20 ) سوف يتفقون في انطاليا على موقف موحد لمواجهة الإرهاب في ضوء هجمات باريس.
وقالت المستشارة سفيتلانا لوكاش إن البيان الختامي للقادة "لن يشير إلى دول أو مناطق أو جماعات معينة"، مضيفة "أن البيان سوف يكون حول اتجاه مشترك تجاه الإرهاب". وأضافت أنه من المتوقع أن يتفق القادة على موقف موحد لحل أزمة اللاجئين.
وتواصل روسيا التي تخوض عملية عسكرية الى جانب النظام السوري منذ اكثر من شهر، دعمهما للاسد رغم كل شيء بينما تطالب الولايات المتحدة واوروبا برحيله. وفي هذه الاجواء، لم يعلن عن أي لقاء ثنائي بين اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش القمة.
وبعد أسبوعين على فوز حزبه الكاسح في الانتخابات التشريعية، يعتزم اردوغان الاستفادة من القمة لاعادة التأكيد على دور بلاده كشريك لا يمكن الاستغناء عنه. ولذلك اعاد اردوغان فكرته لاقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا لاستقبال اللاجئين والنازحين على جدول اعمال القمة؛ وهو ما كانت ترفضه الدول الكبرى حتى الآن.
ويسعى الاتحاد الاوروبي الذي يواجه تدفقا لمهاجرين غالبيتهم من اللاجئين السوريين منذ الربيع، إقناع تركيا التي تستقبل 2,2 مليون منهم بإبقائهم على اراضيها لقاء حصولها على مساعدات مالية. إلا ان اردوغان الذي تأمل بلاده بتحقيق تقدم أكبر على صعيد أزمة اللاجئين، أعلن انه يريد "دعما اكبر" من حلفائه، إلا ان المحادثات في هذا الصدد متوترة وحادة بعد ايام على صدور تقرير أوروبي ندد بـ"التوجه السلبي" لوضع دولة القانون في تركيا وبـ"التراجع الخطير" لحرية التعبير.
وقبل أسبوعين على قمة للأمم المتحدة حول المناخ في باريس، تشكل قمة مجموعة العشرين فرصة لرص الصفوف قبل التوصل الى اتفاق حول خفض الغازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي وتمويل ذلك.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فان تباطؤ الاقتصاد الصيني لا يزال يثير قلق الاسواق خصوصا في الدول الناشئة.
وستكون قمة انطاليا مناسبة لإيصال "رسالة ثقة"، بحسب بعض المشاركين، حول استقرار الوضع العالمي، بعد طي صفحة أزمة اليورو.
ومن المفترض ان تتيح هذه القمة ايضا اقرار خطة عمل لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمكافحة تهرب المجموعات المتعددة الجنسيات من الضرائب.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».